الاكتئاب ليس مجرد حالة مزاجية عابرة، هو اضطراب نفسي عميق يمكن أن يترك آثارًا كبيرة على جودة حياة الأفراد وصحتهم النفسية والجسدية. يُعتبر التشخيص المبكر خطوة حاسمة نحو التعافي، وهنا تأتي أهمية اختبارات الاكتئاب كأداة مساعدة لتقييم الحالة النفسية. تُعد هذه الاختبارات وسيلة أولية للكشف عن الأعراض التي قد تشير إلى الحاجة للمساعدة النفسية، حيث تتيح للفرد فرصة التعرف على حالته النفسية بشكل أفضل وتوجيهه للحصول على الدعم المناسب إذا لزم الأمر. الاكتئاب هو اضطراب نفسي يؤثر على حياة الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم من جميع الأعمار و الأجناس و الأعراق، فهو أكثر من مجرد شعور بالحزن، بل يؤثر على التفكير، المشاعر و السلوك و يتداخل بالحياة اليومية للفرد و يؤثر عليها سلبيًا من كافة النواحي سواء الإجتماعية أو المهنية أو الأسرية.
و تتنوع أعراض الاكتئاب بشكل كبير من شخصٍ إلى آخر، وتختلف في شدتها ومدتها، ومن هذه الأعراض الشعور باليأس و الإحباط، وعدم القدرة على أداء المهام اليومية، والشعور بالذنب وانخفاض تقدير الذات، وصعوبة في التركيز و اتخاذ القرارات، و في بعض الأحيان قد يشعر الفرد بأفكار انتحارية إذا لم يتوجه الفرد في الوقت المناسب إلى العلاج المناسب.
هُنا يأتي دور اختبار الاكتئاب كوسيلة فعالة لتقييم حالتك النفسية بصورة أوليّة سواء الاختبارات النفسية المتوفرة عبر الإنترنت بشكل مجاني وتكون نتيجتها عبارة عن تقييم أولي لفهم الحالة النفسية أو تلك التشخيصية التي تكون بمساعدة الأخصائي النفسي الذي يحدد الأسباب بدقة و يضع خطة علاجية لبدء علاج الاكتئاب. في هذا المقال من حاكيني للاستشارات النفسية سنتناول موضوع اختبار الاكتئاب و كيف يمكن إجراء هذا الاختبار أن يُساعدنا في تحسين حالتنا النفسية وما يجب فعله بناءً على نتائجها، مع التركيز على دورها في تعزيز الوعي النفسي وتوفير الدعم اللازم وغيرها من الأمور.
ما هو اختبار الاكتئاب؟
اختبار الاكتئاب هو أداة تقييمية تقوم بقياس حالة الفرد النفسية، وتحديد ما إذا كان يعاني من أعراض الاكتئاب، ويقوم باستخدمها الأطباء النفسيين لمساعدتهم في التعرف على الحالة النفسية للفرد بشكلٍ عميق، و وضع استراتيجيات المناسبة للحالة، و التقييم الدوري طوال فترة الرعاية، وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة التي تتعلق بمشاعر الشخص وسلوكياته.
هناك نوعان رئيسيان من اختبار الاكتئاب:
- اختبار الاكتئاب الذاتي: هذا النوع من الاختبارات النفسية متواجد بكثرة عبر الإنترنت بشكل مجاني، ويقوم بها الفرد لوحده وتكون قصيرة، ويوفر مقياس أولي للحالة النفسية ولا تعتبر النتائج تشخيص دقيق، بل يجب التوجه بعدها إلى استشارات نفسية مع الأخصائي النفسي لمناقشة النتائج، و تأتي أهمية اختبار الاكتئاب الذاتي من أنه يُساعد في توجيه الفرد إلى العلاج النفسي بسرعة في أول المراحل مما يجعل مرحلة العلاج أسهل.
- اختبار الاكتئاب المهني: يجري هذا النوع من الاختبارات بطريقة مهنية تشخيصية بواسطة مختصين في مجال الصحة النفسية، مثل الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين، و تشمل هذه الاختبارات استبيانات مفصلة ومقابلات شخصية تتيح تحليلًا عميق للأعراض و الأسباب و توضيح الوجهة للأخصائي النفسي لتحديد طريقة العلاج وتقييم الحالة بشكل دقيق.
أنواع اختبارات الاكتئاب الشائعة
1- اختبار بيك للاكتئاب(BDI-II):
يُعد أداة تقييم تعمل على قياس شدة الاكتئاب من خلال تقييم السلوكيات التي يمكن ملاحظتها، ويحتوي على 21 سؤالاً متعدد الخيارات تغطي جوانب معرفية وعاطفية وجسدية مختلفة للاكتئاب، و هو مناسب للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و80 عامًا، ويعطي نتائج دقيقة حول شدة الحالة.
2- استبيان الصحة النفسية (PHQ-9):
هي أداة تقرير ذاتي ملائمة وموجزة لتقييم شدة أعراض الاكتئاب وفقًا للمعايير الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، يستخدمها المتخصصون في الرعاية الصحية عادةً للفحص والتشخيص ومراقبة العلاج في بيئات الرعاية الأولية، ويتكون من 9 عناصر تقيس تواتر وشدة أعراض الاكتئاب الشائعة.
3- مقياس هاملتون للاكتئاب (HAM-D):
يقوم أخصائييو الرعاية الصحية باستخدام مقياس هاملتون للاكتئاب في البيئات السريرية الذي يُقيم شدة أعراض الاكتئاب قبل وأثناء وبعد العلاج، ويسجل 17 عنصرًا على مقياس من خمس نقاط أو ثلاث نقاط، ويتطلب استشارة طبيب لإجراء هذا الاختبار الذي يُستخدم لتحديد شدة الحالة بشكل أكثر تفصيلًا.
كيف يمكن أن يقوم اختبار الاكتئاب بمساعدتك في تقييم حالتك النفسية؟
اختبار الاكتئاب هو أداة تُساعدك في فهم وتقييم حالتك النفسية بشكل أفضل وتقييم مدى تأثرك بأعراض الاكتئاب حيثُ تساعدك من خلال:
- اختبار الاكتئاب يُساعد على تحديد أعراض الاكتئاب ودرجة شدة الاكتئاب و مدى تأثيره على حياتك المهنية.
- يُساعد على معرفة إذا كانت هذه الحالة النفسية شديدة تستدعي التوجه إلى استشارات نفسية أو حالة عابرة لا تستدعي القلق.
- الاستعداد إلى التوجه نحو زيارة المعالج النفسي، حيثُ تعتبر نتائج اختبار الاكتئاب الذاتي أولية تُساعد المختص المهني في فهم حالتك بشكل أسرع.
- تعزيز الوعي الذاتي بالحالة النفسية الخاصة بك، وبالتالي حب الذات وتقبلها كما هي ومعالجة نقاط الضعف لديك وتقوية نقاط القوة.
من الضروري أن تكون على دراية أن نتائج اختبار الاكتئاب المتواجد عبر الانترنت ليست بديلاً عن التشخيص الطبي أو النفسي، فإذا شعرت بأن حالتك تستدعي القلق، فمن الضروري التحدث مع مختص نفسي لتلقي الدعم المناسب بعد إجراء اختبار الاكتئاب الأولي المتوفر على الإنترنت.
علامات الاكتئاب التي يجب أن تكون على دراية بها
حتى تقوم باتخاذ القرار أنك تحتاج إلى التوجه نحو اختبار الاكتئاب أم لا، هو أن تكون على دراية بعلامات الاكتئاب المختلفة التي من الممكن أن تواجهها وهي:
- مشاعر الحزن المستمرة
إذا كنت تشعر بالحزن أو الفراغ العاطفي لفترات طويلة دون سبب واضح، فقد تكون هذه علامة واضحة على الاكتئاب.
- الشعور بعدم القيمة و الشعور بالذنب المفرط
يؤدي الاكتئاب إلى الشعور بعدم القيمة حيثُ يجعل الأفراد يشعرون وكأنهم غير مثمرين قد يصاحب هذا الانخفاض في تقدير الذات شعور بالذنب الشديد بسبب الأخطاء السابقة أو الإخفاقات المتصور أنها حدثت، سواء كانت هذه المشاعر مبررة أم لا.
- فقدان الاهتمام أو المتعة
يُعتبر فقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة التي كنت تستمتع بها سابقًا، مثل الهوايات أو التواصل مع الآخرين، من الأعراض الرئيسية للاكتئاب. قد يفقد أولئك الذين يعانون من الاكتئاب الاهتمام بالتجمعات الاجتماعية أو الهوايات أو حتى رعاية الذات، مما يدفعهم إلى الانسحاب تدريجيًا من الأنشطة التي كانت تجلب لهم الفرح في السابق.
- التعب وانخفاض الطاقة
الشعور بالتعب المستمر أو الافتقار إلى الطاقة للقيام بالأنشطة اليومية، حتى البسيطة منها، قد يشير إلى الاكتئاب، حتى بعد الحصول على قسط كافٍ من الراحة، حيثُ أن الاكتئاب يؤدي إلى استنزاف الطاقة، مما يؤدي إلى إرهاق شديد.
- تغيرات في أنماط النوم
يمكن أن يظهر الاكتئاب من خلال الأرق المستمر أو النوم لفترات طويلة بشكل غير طبيعي، وكلاهما يؤثر على جودة الحياة اليومية.
- تكرار نوبات القلق أو الذعر
إذا كنت تعاني من نوبات متكررة من القلق أو الخوف الشديد دون سبب واضح، تجعلك تتسائل لماذا أقوم بالقلق من هذا الموقف الخفيف وماذا يحصل لي! فإن اختبار الاكتئاب من الممكن أن يجاوبك على تساؤلاتك.
- الشعور بالعزلة والوحدة الشديدة
إذا كنت تعيش في عزلة لفترات طويلة أو تشعر أن لا أحد يفهمك، وتشعر بالارتياح من وضعك هذا دون أي علاقات إجتماعية، فهنا يجب أن تُدرك بأنك من المحتمل أن تكون مُصاب بالاكتئاب ويجب عليك إجراء اختبار الاكتئاب على الفور، وإعطاء نفسك فرصة للعلاج والتصرف مثل الأشخاص الأصحاء نفسيًا.
متى يجب عليك اللجوء إلى اختبار الاكتئاب؟
هل يجب أن أقوم بإجراء اختبار الاكتئاب؟ هل حالتي النفسية تستدعي ذلك؟ متى يجب أن ألجأ إلى اختبار الاكتئاب؟
اللجوء إلى اختبار الاكتئاب هو الخطوة الأولى في تحديد الحالة النفسية لك والبداية في سلم العلاج، فمتى يمكنك التفكير في إجراء اختبار الاكتئاب:
- الأعراض السلبية تزداد شدة: إذا كانت الأعراض مثل الأفكار السلبية أو صعوبة التركيز تزداد سوءًا وتؤثر على الحياة اليومية والقرارات الخاصة بك، و تستمر لمدة أسبوعين أو أكثر.
- التجارب: إذا مررت بتجربة صعبة أو صدمة نفسية مثل فقدان عزيز أو فقدان العمل و سبب لك ذلك حالة نفسية صعبة و تجد نفسك في دوامة سوداء لا تستطيع الخروج منها، فيجب عليك أن تقوم بإجراء اختبار الاكتئاب لمعرفة الحالة النفسية التي تمُر بها و ما هي شدتها.
- متابعة العلاج: إذا كنت قد تلقيت علاجًا سابقًا للاكتئاب وتريد تقييم حالتك الحالية بعد علاج الاكتئاب.
- تدهور وتقلب في الحالة المزاجية: إذا لاحظت أن مزاجك يتغير و تُسيطر عليه الأفكار السلبية مثل الحزن الشديد واليأس فقد يكون علامة على وجود مشكلة مثل الاكتئاب الأمر الذي يتطلب الذهاب إلى اختبار الاكتئاب.
- أفكار انتحارية: إذا كانت لديك أفكار حول إيذاء نفسك أو الانتحار، يجب عليك طلب المساعدة المهنية الطبية على الفور.
لا تتردد في إجراء اختبار الاكتئاب سواء كان ذاتيًا أو تشخيصيًا مع الأخصائي النفسي، فكلما تم التعرف على شدة و أسباب الاكتئاب، كلما كان علاج الاكتئاب أسهل وأسرع للحالة.
متى تحتاج إلى مساعدة نفسية؟ علامات التحذير المهمة
أول خطوات الشجاعة في الحصول على علاج الاكتئاب هو طلب المساعدة النفسية من الأخصائيين النفسيين، الذي يُعتبر أول الطريق لتحسين الحياة النفسية للفرد، فمتى تحتاج المساعدة النفسية والتوجه إلى استشارات نفسية متخصصة؟
علامات التحذير المهمة التي تستدعي التوجه إلى المساعدة النفسية:
- مشاكل في العلاقات الشخصية والاجتماعية
إذا كانت علاقاتك مع الأصدقاء و الأهل بدأت تتدهور، وأصبحت المشاكل فيما بينكم تتفاقم ولا تعرف لماذا بدأت المشكلة ولماذا تصرفت بهذه الطريقة و لا تستطيع حل هذه المشاكل بل تزيدها صعوبة.
- الأفكار المتكررة عن الموت أو الانتحار
إذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو تشعر أن الحياة لم تعد لها قيمة لديك وكل شيء سوداوي لديك وفوضى في عقلك ونفسيتك، فمن الضروري طلب مساعدة فورية والتوجه إلى استشارات نفسية متخصصة.
- التغيرات في العمل أو المدرسة
عندما يؤثر الاكتئاب عليك في المدرسة حيثُ تواجه صعوبات في الدراسة ولا ترغب بالذهاب إلى المدرسة أو المشاركة في أنشطة، وفي العمل عندما تنخفض إنتاجيتك وتواجه صعوبة في إكمال المهام وصعوبة في التركيز والتذكر.
- اللجوء المفرط إلى الكحول والمخدرات
إذا بدأت تعتمد على الكحول، المخدرات، أو الإفراط في الطعام أو التسوق كوسيلة لتخفيف الاكتئاب، فقد حان الوقت لطلب المساعدة النفسية المهنية.
- عدم التحسن رغم المحاولات الشخصية
إذا قُمت بتجريب أساليب المساعدة الذاتية مثل ممارسة الرياضة، التحدث مع الأصدقاء، أو الإنضمام إلى برامج التأمل أو تحميل تطبيقات الصحة النفسية مثل تطبيق حاكيني، ولم تشعر بتحسن، فقد تكون المشكلة أعمق وتحتاج إلى التوجه إلى استشارة نفسية متخصصة.
في النهاية يُعتبر التشخيص المُبكر للاكتئاب و إجراء اختبار الاكتئاب أو طلب المساعدة النفسية يعمل على تشخيص الاكتئاب مُبكرًا، والتعامل معه في الوقت المناسب مما يُسهل من الشفاء و التقليل من الأعراض الخطيرة التي يمكن أن تُصيب الفرد المُكتئب.
يجب عليك التذكر دائمًا أن إجراء اختبار الاكتئاب ليس فيه ما يدعو للحرج حيثُ بإمكانك إجرائه عبر الإنترنت بسرية تامة وخصوصية و يمكنك أيضًا التوجه إلى استشارات نفسية أونلاين بأي وقت و من أي مكان عبر منصة حاكيني للحصول على العلاج المناسب دون علم أي فرد بخصوصك و الحفاظ على السرية التامة و بالنهاية التعافي والعيش بصحة نفسية سليمة و حياة أفضل.
قم بتحميل تطبيق حاكيني بالنسختين:
المصادر والمراجع: