الذكاء العاطفي: تعريفه وأهميته ومهارات تطويره

ملخص المقالة

يمكن أن يساعدنا الذكاء العاطفي على التحكّم في مشاعرنا ومعرفة كيفية التعبير عنها بشكل سليم. وفي هذه المقالة، سنتحدث عن مفهوم الذكاء العاطفي، والأسباب التي تجعله ذا قيمة، والكيفية لزيادة ذكائك العاطفي.

16/07/2023
الذكاء العاطفي: تعريفه وأهميته ومهارات تطويره

هل تتصور عالم خالي من المشاعر، والتفاعلات الإنسانية؟ أن لا تستطيع أن تعبر لمن تحب بأنك تحبه .. أن لا تستطيع الغضب حين يتجاوزك أحدهم بسيارته، تخيّل ألا تستطيع أن تعرف إن كان ذلك الشخص يحبك، أو يكرهك، أم غاضب منك؟

هل تتصور هذا العالم؟ سيكون بلا شك ممل .. مخيف، ومبهم، وهذا ما يجعل الذكاء العاطفي، والذكاء الاجتماعي أهم ما نملكه ونتعلمه في تجربتنا الإنسانية. 

والذكاء العاطفي (EQ) مشابه للذكاء "العادي" (IQ) ولا يقل عنه أهمية. فهو يعني ببساطة أن تتعرف على نفسك، وتطبّق هذه الحكمة على العالم من حولك.

ما هو الذكاء العاطفي؟

يُشير مصطلح الذكاء العاطفي - Emotional Intelligence إلى قدرة المرء على التعرّف على عواطفه وفهمها وإدارتها، فضلاً عن قدرته على إدراك مشاعر الآخرين والاستجابة لها بفعالية. فهو ينطوي على مجموعة من المهارات التي تمكننا من التعامل مع التفاعلات الاجتماعية، وبناء علاقات مع الآخرين، وكذلك اتخاذ قرارات سليمة تنبع من وعي عاطفي وتعاطف مع الغير.

وقد كان بيتر سالوفي وجون ماير وراء شيوع مفهوم الذكاء العاطفي وانتشاره بين علماء النفس في أوائل التسعينيات، ومن ثمّ ساهم المؤلّف وعالم النفس دانيال جولمان في تطويره وتحديد مكوناته. الذكاء العاطفي عند دانيال جولمان ، يتكون من خمسة مكونات رئيسية:

  1. التعاطف: يعني هذا المكون القدرة على فهم مشاعر الآخرين وإيلائه قيمة كبرى. فهو ينطوي على الانتباه لردود فعل الآخرين، والاستماع جيدًا لحديثهم، وإبداء اهتمام حقيقي بالطرف الآخر، وكذلك القدرة على وضع النفس في مكان شخص آخر، والاستجابة له بتفهّم. ولا شكّ في أن الأشخاص ذوي القدرة على التعاطف ماهرون في تبنّي المنظور وقادرون على كسب محبة الناس وودهم.
  2. التواصل: تشمل هذه المهارات التواصل الفعّال مع الآخرين، سواء كان لفظيًا أو غير لفظي، والقدرة على فضّ النزاعات، والعمل في نطاق المجموعة بنجاح، وكذلك بناء العلاقات الإجتماعية والحفاظ عليها. يبرع الأشخاص ذوو المهارات التواصليّة القويّة في التحكّم في مشاعرهم أثناء التعرّض لمواقف اجتماعية حرجة، والقدرة على التأثير في الآخرين وإلهام الغير بشكل إيجابي، وحلّ النزاعات على نحو بناء.
  3. الحافز: يتضمن هذا المُكوّن تسخير العواطف لتحقيق الأهداف الشخصية والمهنيّة. غالبًا ما يكون لدى الأذكياء عاطفيًا دوافع ذاتية مرنة وقابلة للتجديد، ويكونون ذوي ردود فعل إيجابية تجاه التحديات والنكسات. إنهم قادرون على الحفاظ على الشعور بالهدف والقيادة، حتى في مواجهة العقبات، وهم أكثر قدرة على الاستمرار في التركيز والسعي وراء تحقيق الأهداف.
  4. إدراك الذات: والذي يتضمن وعي الشخص بعواطفه وفهمه الجيّد لنقاط قوته وضعفه، إضافة إلى تحديد قيمه ودوافعه، والتعرّف على المشاعر بدقّة وتسميتها عند ظهورها، وفهم العوامل التي تُثير بعض المشاعر، وامتلاك وعي عام بالحالة العاطفية. وغالبًا ما تجد الأشخاص المدركين لذواتهم يتمتعون بفهم كامل لكيفية تأثير عواطفهم على طريقة تفكيرهم وأنماط سلوكياتهم.
  5. التحكّم في العواطف: وهذا يعني قدرة الشخص على إبقاء مشاعره المضطربة تحت السيطرة، والحفاظ على رباطة جأشه وبرودة أعصابه في المواقف الصعبة. عادة ما يعمد الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من التحكّم في العواطف إلى التفكير مليّا قبل القيام بفعل ما، والتعامل مع الضغوطات بشكل فعّال، وهم أكثر قابلية للتكيّف سريعا وبنجاح مع ظروف الحياة ومتغيراتها.

بطبيعة الحال، تترابط هذه المفاهيم ببعضها البعض، وتجمع بينها علاقة تكامل. فعلى سبيل المثال، يمكنك من خلال إدراك ذاتك أن تتعلم التحكم في عواطفك، حيث أن فهم المرء لعواطفه أمر ضروري لإدارتها بشكل فعّال، كما لا يمكن تحقيق التواصل الفعّال مع الآخرين دون التمتع بمهارة التعاطف، وكذلك يرتبط التعاطف والتواصل أساسًا بالتحكم في العواطف، لأن فهم المرء لعواطفه هو الخطوة الأولى لفهم الآخرين والتواصل معهم.

أما الخبر السار فهو أنه يمكن تطوير الذكاء العاطفي وتحسينه بالممارسة. بالتدرّب على إدراك الذات، وتنظيم العواطف، وممارسة التعاطف، وصقل المهارات الاجتماعية، يمكن لأي كان تعزيز ذكائه العاطفي والاستمتاع بالفوائد التي يجلبها إلى مختلف جوانب الحياة. ولا ضير في سؤال الطبيب النفسي عن ذلك!

ما هي أهمية الذكاء العاطفي؟

يُعد الذكاء العاطفي حجر الزاوية للنجاح في الحياة الشخصية والمهنية، على سبيل المثال يعد الذكاء العاطفي في العمل من أهم المهارات التي يبحث عنها مسؤولين التوظيف، فمهارات الذكاء العاطفي لا تقتصر على قدرات الإدارة، أو إنجاز المهام بفعالية، فهي تتجاوز مفهوم الذكاء التقليدي لتنقل الإنسان إلى مستوى أعمق من الشعور، ويبرز الذكاء العاطفي كأحد أهم محددات القيادة الناجحة والعمل الجماعي المنتج، إذ يساعد في حل النزاعات، واتخاذ قرارات متوازنة تحت الضغط، وتحفيز الذات والفريق نحو تحقيق الأهداف.

على المستوى الشخصي تكمن أهميته في كونه العامل المسؤول عن إدارة المشاعر وفهمها لدى الذات والآخرين، مما يمكن الفرد من التواصل بفعالية، وبناء علاقات قوية ومتينة قائمة على التعاطف والاحترام، ويكون الذكاء العاطفي درعاً واقياً ضد التوتر والقلق، ويعزز المرونة النفسية والقدرة على تجاوز التحديات. وبالتالي، فهو ليس مهارة كمالية، بل ضرورة لبناء علاقة مثمرة مع الذات والآخرين والارتقاء بمستويات الصحة النفسية في المجتمع.

ما هي علامات الذكاء العاطفي؟

يمكن أن تظهر علامات الذكاء العاطفي على أصحابه بطرق مختلفة. وفيما يلي بعض المؤشرات الشائعة على أن شخصًا ما يمتلك مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي، على سبيل المثال لا الحصر:

  • الوعي القوي بالذات

عندما يكون المرء ذكيًا عاطفيًا، فهو قادر على فهم نفسه على مستوى أعمق، وهذا يعني التعرف على نقاط القوة والضعف، والثقة بدوره في المجتمع كما إدراكه المواطن التي يحتاج فيها إلى مساعدة من الآخرين. يعني هذا أيضًا تناغم العواطف مع التصرفات. على سبيل المثال، يمكنك تحديد المواقف التي تدفعك للاستجابة سلبًا، واتخاذ تدابير وقائية لتجنب ردود الفعل العنيفة وغير الصحية.

  • اعتناق التغيير

لا يخشى الأذكياء عاطفيًا التغيير لأن لديهم شعور قوي بالوعي بالذات، يظلّ قويًّا وثابتًا في جميع الظروف. وبدلاً من الارتباك والخوف، تجدهم يسعون بجدّية نحو فرص جديدة للنمو. إن التغيير هو جزء لا مفرّ منه من الحياة، ومن الطبيعي أن يقاوم البشر التغيير غريزيًا لأن أدمغتنا مُجبرة على الحفاظ على الروتين، ولكن بالتغلّب على هذه الغرائز، يمكن للمرء أن يتطوّر ويرتقي بذاته قدر الإمكان.

  • التعاطف تجاه الآخرين

عندما يعي الشخص بمشاعره، يكون حتمًا أكثر قدرة على التواصل مع الآخرين، حيث يمكنه تخيل كيف يمكن أن يشعر الغير في مختلف المواقف وتقديم الدعم له وفقًا لذلك. بإمكان الأذكياء عاطفيًا قراءة الآخرين أيضًا. إنهم يلاحظون الإشارات الاجتماعية والعاطفية ويفهمون ببساطة ما يُقال بين الأسطر. وهم يهتمون بكيفية تأثير تصرفاتهم على الآخرين، وقادرون على التنبؤ بنتائج أفعالهم، بحيث يتجنبون التسبب في الأذى لمن هم حولهم.

  • السعي وراء التقدّم لا الكمال

قد تعتقد أن امتلاك ذكاء عاطفي عال يعني تحقيق الشخص للكمال، ولكن هذا يعني توقفهم عن السعي وراء هذه الصفة التي لا يمكن بلوغها! في الواقع، يتقبل الأذكياء عاطفيًا أنفسهم كما هم. وهذا لا يعني أنهم توقفوا عن النمو، بل أنهم يرون أنفسهم في رحلة متواصلة نحو التحسن. إنهم يعلمون أنهم لن يصلوا أبدًا إلى الكمال، وهم راضون بذلك.

  • الشكر والامتنان

إذا كنت مهووسًا دائمًا بما ينقصك، فمن المحتمل أنك تفتقر إلى الذكاء العاطفي! الامتنان هو أحد السمات الرئيسية للأشخاص الأذكياء عاطفيًا: فهم يستغرقون وقتًا لتقدير الأشياء العظيمة في حيواتهم. بالرغم من امتلاكهم لطموح وأحلام مثل أي شخص آخر، إلا أنهم ليسوا متعطشين لتحقيقها في أسرع وقت، إذ يمكنهم أن يروا أين هم محظوظون بالفعل، وهذا يبقيهم متواضعين وعقلانيين في سيرهم نحو أهدافهم.

  • طلب العلم والمعرفة

 بالنسبة للأذكياء عاطفيًا، الحياة مليئة بفرص التعلّم. إنهم فضوليون بطبعهم تجاه الأشخاص في محيطهم والعالم من حولهم، ويتّخذون إجراءات واعية لإرضاء فضولهم. التعلم نشاط يتطلب الاعتراف بدرجة من الجهل، ولا يجد الأذكياء عاطفيًا مشكلة في ذلك لأنهم يتحكمون في غرورهم ؛ ويمكنهم الاعتراف بوجود فجوات في معرفتهم. إنهم مهتمون بسد هذه الفجوات أكثر من التظاهر بعدم وجودها.

  • الحياة المتوازنة

إذا كنت تقضي 20 ساعة في المذاكرة يوميًا، فمن المحتمل أن تحصل على ذكاء أكاديمي (إذا لم تصب بالإرهاق أولاً)، لكنك لن تظهر علامات الذكاء العاطفي. يبحث الأذكياء عاطفيًا عن التوازن في الحياة. إنهم واعون بأن التركيز بشدة على جانب واحد من حياتهم قد يؤدي إلى إهمال جوانب مهمة أخرى. كما أنهم يعتنون بأنفسهم لأنهم يعلمون أنهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم ما لم يكونوا سعداء وبصحّة جيّدة.

  • التعبير عن النفس بحزم

هناك فرق كبير بين الحزم والعدوانية، والأذكياء عاطفيًا يدركون ذلك ولا يخلطون بين هذه المفاهيم. يعني الحزم القدرة على الدفاع عن الذات، إنما بطريقة محترمة. وهذا هو وجه الاختلاف لأن الأشخاص العدوانيين عادة ما يفتقرون للسيطرة.

إن من ليس لديهم ذكاء عاطفي هم سجناء لاحساسهم بانعدام الأمان، وتدفعهم هذه المخاوف إلى التصرف بطريقة مبالغة. لكن عندما تكون ذكيًا عاطفيًا، تصبح قادرًا على فرض حدودك والتعبير عن رغباتك مباشرةً دون التعدّي على الآخرين أو جرح مشاعرهم.

  • تقبّل الرأي الآخر

اسأل نفسك عن كيفية ردّك على النقد البنّاء؟ هل أنت قادر على الاستماع بموضوعية قدر الإمكان والتفكير في وجهات نظر الآخرين؟ أم أن أي شيء غير الموافقة يبدو لك وكأنه هجوم عليك؟ إذا كان هذا هو الأخير، فهذه علامة على أنك بحاجة للعمل على ذكائك العاطفي. لماذا؟ لأنه ما دمت حيًّا، فسوف يتم تقييمك بمختلف الطرق من قبل مختلف الأشخاص. ويتمثل دورك في قياس قيمة هذه التعليقات واستخراج النصائح المفيدة لك. أما إذا كنت عنيدًا وحسّاسًا لدرجة لا تسمح لك بقبول النقد، فستفقد فرصًا مهمة لتحسين ذاتك.

ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن الذكاء العاطفي ليس سمة منفصلة بذاتها، إما تمتلكها أو لا، بل هو طيف ذو درجات عدّة. وقد يُظهر الأشخاص مستويات متفاوتة من الذكاء العاطفي في مواقف مختلفة أو في مراحل مختلفة من حياتهم. ومع ذلك، فإن من لديهم العديد من هذه العلامات عادة ما يتمتعون بمستوى أعلى من الذكاء العاطفي، وهم أكثر قابلية لتحقيق النجاح في علاقاتهم الشخصية والمهنية.

مقاييس وأبعاد الذكاء العاطفي

لتقييم الذكاء العاطفي، نجد أن الخبراء، وعلى رأسهم دانيال جولمان، مؤلف كتاب الذكاء العاطفي قد حدد له خمسة أبعاد أساسية تشكّل معًا نسيج هذه المهارة الحيوية:

  1. الوعي الذاتي: ويعني فيه القدرة على تمييز مشاعرك في اللحظة الراهنة، وفهم تأثيرها على أفكارك وسلوكياتك، وعلى المستوى الأعمق تعني معرفة نقاط قوتك وضعفك.
  2. ضبط النفس: وهي القدرة على إدارة مشاعرك وسلوكياتك بتوازن، والتحكم في الانفعالات في المواقف المختلفة، والتكيف مع الظروف المتغيرة، والتحلي بالمرونة الكافية.
  3. الدافع الذاتي: وهو الطاقة الدافعة من داخل الإنسان، والتي تتجلى في شغفك لتحقيق الأهداف، والتفاؤل في المستقبل، والمبادرة مع الآخرين، والشجاعة في مواجهة العقبات.
  4. التعاطف: وصفه دانيال جولمان في كتاب الذكاء العاطفي بأنه جوهر التواصل الإنساني، ويعني القدرة على فهم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم، ووضع نفسك مكانهم، والتفاعل معهم بناءً على هذا المبدأ.
  5. المهارات الاجتماعية: وتتجلى في تواصلك مع الآخرين، وتشمل إدارة العلاقات بصورة فعالة، والتواضع، والاستماع، وحل النزاعات، والعمل الجماعي، والقدرة على قيادة وإلهام الآخرين.

أما بالنسبة للمقاييس العلمية، فهناك عدة أدوات راسخة لقياس هذه الأبعاد، أشهرها:

  • مقياس جولمان للذكاء العاطفي (ECI): يركز على مهارات الذكاء العاطفي العمل.
  • اختبار الذكاء العاطفي لماير وسالوفي وكاروسو (MSCEIT): يقيس القدرات العاطفية من خلال حل المشكلات 
  • مقياس الذكاء العاطفي الذاتي (SEIS): حيث يقيّم المفحوص مهاراته وسلوكياته العاطفية من خلال الإجابة على أسئلة حول كيفية تصرفه أو شعوره في مواقف معينة.

مهارات أساسية لتعزيز ذكائك العاطفي 

إنّ الذكاء العاطفي هو بحد ذاته مهارة لا تحتاج إلى موهبة، وهو ذو علاقة مجموعة من المهارات الأخرى التي تساهم في الوعي العاطفي الفعال والإدارة والعلاقات الشخصية. وتشمل المهارات الرئيسية المرتبطة بالذكاء العاطفي ما يلي:

  1. الاستماع: الاستماع إلى النفس، والصمت الداخلي الذي يجعل من الممكن على المرء التعرف على نفسه وعلى ما يشعر به في مواجهة موقف مُحدّد. إنه الوصول إلى العواطف الكامنة لدى الشخص وإدراكها. كذلك كنتيجة للاستماع إلى النفس، الاستماع إلى الآخر باهتمام وتفهّم.
  2. التتبّع: تأتي الانفعالات وردود الفعل بأعراض يمكن ملاحظتها على الجسد. على سبيل المثال، نبض القلب بشكل أسرع، وقصر النفس، وآلام المعدة أو الظهر. هذا بعض مما يحدث عندما يكون الجسد في حالة تأهّب. ويتيح لنا اكتشاف هذه العلامات في أجسادنا وتتبع أثرها تحديد كيفية تجلّي المشاعر.
  3. التحويل: إن فهم الشعور وتتبعه ونقله إلى سياقه المناسب يسمح لي بتحديد ما يمسني في الموقف. تساعد مهارة التحويل صاحبها على التصرف بوعي ومسؤولية، وذلك من خلال دمج العواطف في الحياة اليومية بشكل متوازن ودون أن تطغى عليها.

يؤدي تطوير هذه المهارات وتعزيزها إلى تحسين الذكاء العاطفي، والذي بدوره يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على العلاقات الشخصية والنجاح المهني والصحة النفسية عامة.

ويمكن بالتأكيد اعتبار الذكاء العاطفي ذا قيمة معتبرة، وذلك في النواحي الشخصية والمهنية على حدّ سواء، حيث يمكن أن يعزّز العلاقات الشخصيّة عبر تحسين التواصل بين الأشخاص، وتعزيز التعاطف، ونشر التفاهم. أما في بيئة العمل، فتجد الذكاء العاطفي عادة مرتبطًا بالقيادة الفعالة والعمل الجماعي وحل المشكلات، بشكل يساهم في تحسين الأداء الوظيفي العام وتحقيق الرضا للمرء ومن هم في محيطه على حد سواء.

أمثلة على الذكاء العاطفي

في العمل، يُظهر القائد الذكي عاطفياً الوعي الذاتي عندما يعترف بأن قراراً ما كان خاطئاً، ثم يُظهر ضبط النفس بإدارة غضبه خلال أزمة، مما يُشعر الفريق بالأمان. ومن أمثلة على الذكاء العاطفي أيضاً أن تلتقط نبرة صوت زميلك المتوتر فتُخفف عبئه بكلمة دعم قبل أن يطلب، وهو ما يُعرف بالتعاطف الفعّال. وفي الحياة اليومية، يظهر الذكاء العاطفي والاجتماعي عندما تتنازل عن حقك في المجادلة لحفظ مشاعر شريكك، أو حين تمتلك مهارة إنهاء حديث اجتماعي بذكاء دون جرح مشاعر الآخرين. حتى في أبسط المواقف، كأن تمنح نفسك استراحة قصيرة عندما تشعر بالضغط، فهذا تطبيق عملي لما أشار إليه دانيال جولمان في كتاب الذكاء العاطفي، حيث يجعل تعريف الذكاء العاطفي مفهوماً حياً قابلاً للتطبيق. هذه السلوكيات تُجيب عملياً على سؤال ما هي أهمية الذكاء العاطفي؟، فهي النسيج الخفي الذي يحوّل التفاعلات اليومية من مجرد تبادل كلمات إلى فرص لبناء الثقة والاحترام، سواءً في بيئة العمل أو في نطاق العلاقات الشخصية.

ما هو الفرق بين الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي؟

رغم كون الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي مفهومين وثيقي الصلة ببعضهما البعض، إلا أن لكل منهما مجالات تركيز مختلفة بعض الشيء.

يتعلّق الذكاء العاطفي في المقام الأول بإدراك الشخص وإدارته لعواطفه وقدرته نتيجة لذلك على التعرف على مشاعر الآخرين وفهمها. وهو معارة تتعلق بغيرها من المهارات مثل الوعي بالذات، والتحكّم في العواطف، والتعاطف، والتواصل الفعّال. ويتمركز الذكاء العاطفي حول المشاعر الفردية وكيفية تأثيرها على الصحة النفسية أوّلا ومن ثمّ، في مرتبة ثانية، تأتي العلاقات. وهو يؤكد على الوعي الذاتي، والإدارة الذاتية، الذين ينجر عنهما مهارات أفضل للتعامل مع الآخرين.

أما الذكاء الاجتماعي، فهو يمتدّ إلى ما هو أبعد من الوعي العاطفي ويركّز على فهم المواقف الاجتماعية وديناميكيات المجتمع والإشارات اللفظية وغير اللفظية. إنه ينطوي على القدرة على التكيف والاستجابة بفعالية في مختلف السياقات الاجتماعية، وفهم الأعراف الاجتماعية غير المكتوبة، والتفاعل بمهارة مع الآخرين. لذلك، يشتمل الذكاء الاجتماعي على عناصر الذكاء العاطفي ويمكن القول إنه ينبني عليه، ولكنه يشمل أيضًا وعيًا اجتماعيًا أوسع، وفهمًا للعالم، وقدرة على الحضور في المواقف الاجتماعية والتعامل معها بنجاح.

باختصار، في حين يركز الذكاء العاطفي بشكل أكبر على الشخص بحد ذاته ووعيه العاطفي الفردي، ومهاراته في التعامل مع الآخرين، يوسع الذكاء الاجتماعي هذا النطاق ليشمل فهمًا أوسع للديناميكيات الاجتماعية والعلاقات الشخصية. ويشمل مهارات مثل الإدراك الاجتماعي والتعاطف والقدرة على التكيف والتأثير وإدارة العلاقات. يتضمن الذكاء الاجتماعي فهم الإشارات الاجتماعية والتسلسل الهرمي الاجتماعي والاختلافات الثقافية، كما يتطلب القدرة على المشاركة والتأثير بشكل فعّال مع الآخرين في مختلف البيئات الاجتماعية والثقافية.

يدور الذكاء العاطفي في المقام الأول حول فهم وإدارة العواطف، سواء تلك لدى الفرد أو المجموعة، بينما يشمل الذكاء الاجتماعي مجموعة أوسع من المهارات المتعلقة بالوعي الاجتماعي، والقدرة على التكيّف، والتعامل الفعال مع الآخرين. ويمكن اعتبار كل من الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي مهمّين للنجاح الشخصي وبناء روابط قوية مع الآخرين.

مشاركة المقالة

تطبيق حاكيني

يمكنك الوصول بسهولة إلى خدماتنا من خلال تطبيق حاكيني للهاتف المحمول. استمتع بوصول غير محدود إلى البرامج والدورات والتمارين المسجلة مسبقًا والتواصل السلس مع المستشار الخاص بك.

app-store google-play

جلسات استشارة نفسية أونلاين، مع أمهر الاخصائيين النفسيين

screenshot screenshot

جرب برامج المساعدة الذاتية، والتي تحتوي على كورسات تأمل ويقظة ذهنية، تمارين عملية لتعزيز صحتك النفسية، بالاضافة لمعلومات عن الاضطرابات النفسية والشخصية

screenshot screenshot
app-store google-play

قد يعجبك أيضًا

أثر الصيام على الحالة المزاجية والنفسية في رمضان
هل الصيام يحسن المزاج؟ نعم ولكن بشروط، وإليك تفاصيلها!
كيف نتعامل مع المشاعر السلبية عند الاطفال
أ. رباب المن عباس

انضم إلى قائمتنا البريدية

انضم إلى النشرة الإخبارية واحصل على آخر المقالات في حاكیني ثقافة