الاستثمار في الصحة النفسية

main-image

يصادف العاشر من شهر تشرين الأول في كل عام يوم الصحة النفسية العالمي، حيث يقوم العاملون والمهتمون في مجال الصحة النفسية في كل أنحاء العالم بزيادة الوعي بقضايا الصحة النفسية وذلك نظرا لأهميتها الحيوية للأفراد والمجتمعات على حد سواء، وقد تم الاحتفال بهذا اليوم للمرة الأولى عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية.

في هذا العام اتُفِق على أن يكون الموضوع الرئيسي الذي تُصَبُّ نحوه الجهود هو "الاستثمار في الصحة النفسية"، وفي حين أن برامج الصحة النفسية عانت وتعاني من نقص تاريخي ومزمن في التمويل على المستويين المحلي والدولي، فإن الحاجة لهذا الاستثمار أصبحت ملحةً الآن أكثر من أي وقت مضى بسبب جائحة كوفيد 19 التي تفشت منذ بداية العام، وكان لها الأثر البالغ  بالانتشار الواسع للمشاكل والاضطرابات النفسية في كافة نواحي الحياة؛ فقد قال روري أوكونور وهو أحد الباحثين في مجلةاللانسيت أن "الإمعان في العزل الاجتماعي، والوحدة، والقلق، والتوتر، والإعسار المالي، هي بمثابة عواصف قوية تجتاح الصحة النفسية للناس". وليس بعيدا عنا.

وقد أشارت عدة دراسات إلى انتشار الاضطرابات النفسية بين الأشخاص الذين تعافوا من الفيروس بنسبة تفوق الخمسين بالمئة، كاضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب، وتنبأت بعض الدوريات الطبية الهامة بانتشار أعراض الصدمة النفسية ما بين الطواقم العاملة مع مصابي الجائحة.

وبالرغم من النوايا الحسنة تجاه الصحة النفسية إلا أن العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تخصص ما لا يزيد عن 2% فقط من ميزانية الصحة لعلاج الاضطرابات النفسية والوقاية منها، إلا أن ذلك لا يتناسب مع العبء الكبير الذي تسببه تلك الاضطرابات، حيث تعد الأمراض النفسية والعصبية وتعاطي المواد المخدرة من العوامل الرئيسية المساهمة في انخفاض الإنتاجية وتعطيل الموارد وزيادة الوفيات المبكرة في جميع أنحاء العالم.

وفي لغة الأرقام أشارت دراسة حديثة إلى أن الأثر العالمي التراكمي للاضطرابات النفسية من حيث فقدان الإنتاج الاقتصادي سيصل إلى 16 تريليون دولار أميركي على مدى العشرين سنة القادمة. يمكن اعتبار هذا العبء الحالي والمتوقع للاضطرابات النفسية سببا كافيا وحده للاستثمار في الصحة النفسية. 

فالعائد المادي لبرامج التدخل النفسي كالتدخل المبكر في حالات الذهان والوقاية من الانتحار والبرامج التعليمية للاضطرابات السلوكية له أثر إيجابي اقتصاديا، ففي دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية أفادت أن كل دولار أمريكي يتم استثماره في التوسع في علاج الاكتئاب والقلق يعود بفوائد قدرها أربعة دولارات أمريكية تنتج عن تحسن الصحة والقدرة على العمل.

ومن ناحية أخرى، يجب التنبيه إلى أن الاستثمار لا يقتصر فقط على زيادة الموازنة المالية والمقدرات والمخصصات المادية التي تنفق على المنشآت النفسية بل عليه أن يشمل أيضا بناء قدرات الكوادر العاملة والتنوع فيها وإنشاء طواقم متعددة التخصصات والتي تضم أخصائيي علم نفس الشيخوخة وعلم نفس الأطفال وأخصائيي القياس النفسيين وأخصائيي التأهيل الوظيفيين وأخصائيي النطق والإدمان و ومحترفين من مدارس علاجية متنوعة.

كما أن الظروف الحالية تحتم علينا أن يشمل الاستثمار أيضا تهيئة خطوط الهاتف والإنترنت لأن المستقبل يتجه بكل قوة إلى أن يصبح تقديم خدمات العلاج النفسي إلكترونياً، بالإضافة إلى ضرورة خلق بروتوكلات ملائمة للمحافظة على السرية وضمان جودة الخدمة المقدمة عن بعد، وكذلك تطوير برامج تدريبية للعاملين النفسيين على الهيئة الجديدة للعلاج وبرامج داعمة ومساندة لهم لمساعدتهم في تفادي الاحتراق النفسي الذي قد يتعرضون له بسبب ضغط العمل وأدواته الجديدة.

جدير بالذكر أن نتائج الاستثمار في الصحة النفسية قد لا تكون قريبة الحصاد ولكن حلمنا بمستقبل جيد يتطلب الصبر الجميل.

تطبيق الصحة النفسية من حاكيني

screenshot screenshot
app-store google-play

جلسات استشارة نفسية أونلاين، مع أمهر الاخصائيين النفسيين

screenshot screenshot

جرب برامج المساعدة الذاتية، والتي تحتوي على كورسات تأمل ويقظة ذهنية، تمارين عملية لتعزيز صحتك النفسية، بالاضافة لمعلومات عن الاضطرابات النفسية والشخصية

screenshot screenshot
app-store google-play

نقترح عليك المزيد من المقالات التي قد تثير اهتمامك